فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
سورة الأعلى:
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعلى (1)}
قوله: {الأعلى}: يجوزُ جَرُّه صفةً لـ: {ربِّك}، ونصبه صفةً لاسم. إلاَّ أنَّ هذا يمنعُ أَنْ يكونَ {الذي} صفةً لـ: {ربِّك}، بل يتعين جَعْلُه نعتاً لـ: {اسم}، أو مقطوعاً، لئلا يلزمَ الفصلُ بين الصفة والموصوفِ بصفةِ غيرِه؛ إذ يصيرُ التركيبُ مثلَ قولك: (جاءني غلامُ هندٍ العاقلُ الحسنةِ) فيُفْصَلُ بالعاقل بين (هند) وبين صفتِها. وتقدَّم الكلامُ في إضافةِ الاسمِ إلى المُسَمَّى.
{وَالَّذي قدر فهدى (3)}:
قوله: {قدر}: قرأ الكسائيُّ بتخفيفِ الدالِ، والباقون بالتشديد. وقد تقدَّمَتْ القراءتان في المرسلات.
{فَجَعَلَهُ غُثَاءً أحوى (5)}
قوله: {غُثَاءً}: إمَّا مفعولٌ ثانٍ، وإمَّا حالٌ. والغُثاء بتشديد الثاء وتخفيفِها وهو الفصيحُ ما يُقَدِّمُه السَّيْلُ على جوانبِ الوادي من النباتِ ونحوِه.
قال امرؤ القيس:
كأنَّ ذُرا رأسِ المُجَيْمِرِ غُدوةً ** من السَّيْلِ والغُثَّاء فَلْكَةُ مِغْزَلِ

ورواه الفراءُ (والأَغْثاء) على الجمعِ. وفيه غرابةٌ من حيث جَمَعَ فُعالاً على أفْعال.
قوله: {أحوى} فيه وجهان:
أظهرُهما: أنَّه نعتٌ لـ: {غُثاء}.
والثاني: أنه حالٌ من {المرعى}.
قال أبو البقاء: قَدَّم بعضَ الصلةِ.
قلت: يعني أنَّ الأصلَ أخرجَ المرعى أحوى فجعله غثاءً، ولا يُسَمَّى هذا تقديماً لبعضِ الصلةِ. والأحوى: أَفْعَلُ مِنْ الحُوَّة وهي سَوادٌ يَضْرِبُ إلى الخُضْرة.
قال ذو الرَّمة:
لَمْياءُ في شَفَتَيْها حَوَّةٌ لَعَسٌ ** وفي اللِّثاتِ وفي أَنْيابِها شَنَبُ

وقد تقدَّم لك أنَّ بعضَ النحاةِ اسْتَدَلَّ على وجودِ بدلِ الغَلَطِ بهذا البيت.
وقيل: خُضرةٌ عليها سوادٌ. والأحوى: الظَّبْيُ؛ لأنَّ في ظهره خُطَّتَيْن.
قال:
وفي الحَيِّ أحوى يَنْفُضُ المَرْدَ شادِنٌ ** مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَدِ

ويقال: رجلٌ أحوى وامرأةٌ حَوَّاء. وجَمْعُهما حُوٌّ، نحو: أحمر وحمراءُ وحُمْر.
{سنقرئك فَلَا تنسى (6)}
{فَلاَ تنسى}: قيل: هو نَفْيٌ، أخبر تعالى أنَّ نبيَّه عليه السلام لا يَنْسَى.
وقيل: نهيٌّ، والألفُ إشباعٌ، وقد تَقَدَّم نحوٌ مِنْ هذا في يوسف وطه. ومنع مكي أَنْ يكونَ نهياً لأنه لا يُنْهَى عمَّا ليس باختيارِه. وهذا غيرُ لازمٍ؛ إذ المعنى: النهيُ عن تعاطي أسبابِ النسيانِ، وهو شائعٌ.
{إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يخفى (7)}:
قوله: {إِلاَّ مَا شَاءَ الله}: فيه أوجهٌ، أحدها: أنَّه مفرغٌ، أي: إلاَّ ما شاءَ الله أن يُنْسِيَكَهُ فإنك تَنْساهـ. والمرادُ رَفْعُ تلاوتِه. وفي الحديث: «أنه كان يُصبح فينسَى الآياتِ لقوله: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا} [البقرة: 106]».
وقيل: إنَّ المعنى بذلك القِلَّةُ والنُّدْرَةُ، كما رُوِيَ أنه عليه السلام أسقطَ آيةً في صلاتِه، فحسِب أُبَيٌّ أنها نُسِخَتْ، فسأله فقال: «نَسِيْتُها».
وقال الزمخشري: الغَرَضُ نَفْيُ النِّسْيان رَأْساً، كما يقول الرجل لصاحبه: أنت سَهِيْمي فيما أَمْلِكُ إلاَّ ما شاء اللَّهُ، ولم يَقْصِدْ استثناءَ شيءٍ، وهو مِنْ استعمالِ القلَّة في معنى النفي. انتهى.
وهذا القول سبقَه إليه الفراء ومكي.
وقال الفراء وجماعة معه: هذا الاستثناءُ صلةٌ في الكلام على سنةِ الله تعالى في الاستثناء. وليس ثم شيءٌ أُبيح استثناؤُه.
قال الشيخ: هذا لا يَنْبغي أَنْ يكونَ في كلامِ اللَّهِ تعالى ولا في كلامٍ فصيحٍ، وكذلك القول بأنَّ (لا) للنهي، والألفَ فاصلةٌ. انتهى.
وهذا الذي قاله الشيخُ لم يَقْصِدْه القائلُ بكونِه صلةً، أي: زائداً مَحْضاً بل المعنى الذي ذكره، وهو المبالغةُ في نَفْي النسيانِ أو النهي عنه.
وقال مكي: وقيل: معنى ذلك، إلاَّ ما شاء الله، وليس يشاءُ اللَّهُ أَنْ يَنْسَى منه شيئاً، فهو بمنزلةِ قوله في هود في الموضعين: {خالِدِيْنَ فيها ما دامَتِ السماواتُ والأرضُ إلاَّ ما شاء ربُّك} وليس جَلَّ ذِكْرُه تَرَكَ شيئاً من الخلودِ لتقدُّمِ مَشيئتِه بخُلودِهم.
وقيل: هو استثناءٌ مِنْ قوله: {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أحوى}. نقله مكي. وهذا يَنْبغي أَنْ لا يجوزَ البتة.
قوله: {وَمَا يخفى} (ما) اسميةٌ. ولا يجوزُ أَنْ تكونَ مصدريةً لئلا يَلْزَمَ خُلُوُّ الفعلِ مِنْ فاعل. ولولا ذلك لكان المصدريةُ أحسنَ لِيُعطف مصدرٌ مؤولٌ على مثلِه صريح.
{وَنُيسركَ لليسرى (8)}:
قوله: {وَنُيسركَ}: عطف على {سنقرئك} فهو داخلٌ في حَيِّزِ التنفيسِ، وما بينهما مِنْ الجملة اعتراض.
{فذكر إِنْ نَفَعَتِ الذكرى (9)}
قوله: {إِن نَّفَعَتِ}: {إن} شرطيةٌ. وفيه استبعاد لتذكُّرِهم. ومنه:
لقد أَسْمَعْتَ لو نادَيْتَ حَيَّاً ** ولكنْ لا حياةَ لمَنْ تُنادي

وقيل: {إن} بمعنى إذْ كقوله: {وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ} [آل عمران: 139].
وقيل: هي بمعنى (قد) ذكَرَه ابنُ خالويه، وهو بعيدٌ جدًّا.
وقيل: بعده شيءٌ محذوفٌ تقديرُه: إنْ نَفَعَتِ الذكرى وإن لم تنفَعْ، قاله الفراء. والنحاس والجرجاني والزهراوي.
{وَيَتَجَنَّبُهَا الأشقى (11)}
قوله: {وَيَتَجَنَّبُهَا}: أي: الذكرى.
{ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا ولا يحيى (13)}
قوله: {ثُمَّ لاَ يَمُوتُ}: (ثم) للتراخي بين الرُّتَبِ في الشدة.
{بَلْ تؤثرون الْحَيَاةَ الدنيا (16)}
قوله: {بَلْ تؤثرون}: قرأ أبو عمرو بالغيبة، والباقون بالخطاب، وهما واضحتان.
{وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وأبقى (17)}
قوله: {وأبقى}: أي: مِنْ الدنيا.
{إِنَّ هَذَا لَفِي الصحف الأولى (18)}
قوله: {لَفِي الصحف}: قرأ أبو عمرو في روايةِ الأعمش وهارون بسكون الحاء في الحرفين، وهو واضحٌ أيضًا.
{صُحُفِ إبراهيم وموسى (19)}
قوله: {إبراهيم}: قرأ العامَّة بألفٍ بعد الراء وياءٍ بعد الهاء، وأبو رجاء بحَذْفهما، والهاءُ مفتوحةٌ أو مكسورةٌ فعنه قراءتان. وأبو موسى وابن الزبير بألفَيْن وكذا في كلِّ القرآن، ومالك ابن دينار بألفٍ بعد الراء فقط، والهاءُ مفتوحةٌ، وعبد الرحمن بن أبي بكر {وإبراهيم} بحذف الألفِ وكسرِ الهاءِ.
وقال ابنُ خالويه: وقد جاء {إبراهم} يعني بألفٍ وضمِّ الهاءِ. وقد تقدَّم الكلامُ على هذا الاسمِ الكريمِ ولغاتِه مستوفى في البقرة. اهـ.